التعاقد مع مصدر خارجي لمهام أو أنشطة خاصة بتعداد السكان والمساكن: هو ممارسة عصرية في كثير من البلدان، إذ هو سبيل الزيادة الفعالية من خلال استخدام الطرق والتكنولوجيات المتقدمة التي قد لا تكون متوفرة بالضرورة في مكتب الإحصاء الوطني أو في القطاع العام المسؤول عن تنفيذ التعداد، وفي الوقت نفسه يمكن تحقيق الخفض عبر عملية انتقاء تنافسية، ولكن ليست مهام التعداد كلها مناسبة للتعاقد من الخارج أو التعاقد مع مصدر خارجي والقيام بذلك لا يأتي بالضرورة بالمنفعة المرجوة وهي تقوية القدرات الوطنية، كما أن أنشطة التعداد يمكن تصنيفها بشكل واسع كأنشطة أساسية وأنشطة غير أساسية، وكقاعدة أساسية عامة لا يجوز التعاقد مع مصدر خارجي لتنفيذ الأنشطة الأساسية، وفي حال برزت ضرورة التعاقد من الخارج الأنشطة أساسية لسبب ما عندئذ من الضروري أن يكون التحكم الاستراتيجي المحكم لهكذا أنشطة بيد سلطات التعداد في أي وقت.
في سياق التعاقد مع مصدر خارجي المكونات عمليات التعداد، قد تحتاج السلطة الإحصائية الوطنية أن تبني القدرات لضمان التعاقد المناسب مع الخارج، ويرتدي هذا الأمر أهمية كبرى في المراحل التحضيرية إذ إن التعاقد مع مصدر خارجي يستلزم معرفة متينة وشاملة للتكنولوجيات العصرية ومنافعها وسيئاتها وكذلك التجارب السابقة في الداخل وفي بلدان أخرى بالتالي، قد تحتاج السلطة الإحصائية الوطنية إلى التخطيط الوحدة معينة وتطويرها بهدف ضمان تعاقد مناسب وفعال مع مصدر خارجي في وقت مبكر بالنسبة إلى التعداد بحد ذاته إذ سوف نحتاج إلى اختبار مكثف للمنتجات والخدمات التي تم التعاقد بشأنها مع مصدر خارجي.
شروط الالتزام نطاق العمل، والأهداف القابلة للتحقيق والتوقيت المناسب كلها عوامل يجب أن تحدد بوضوح مع آليات فض نزاعات محددة، ومن الأمثلة على بنود عمل يمكن التعاقد بشأنها مع مصادر خارجية:
أ. تصميم شكل استمارات التعداد وطباعته.
ب. توضيب استمارات التعداد.
ج. إرسال مواد التعداد وتسليمها.
د. رسم خريطة التعداد.
هـ. الإعلان والعلاقات العامة.
و. التدريب.
ز. جمع استمارات التعداد ومواد أخرى للإعادة.
ح. جردة وتخزين الاستمارات المملوءة.
ط. الكشف وادخال البيانات.
ي. معالجة البيانات والجدولة.
ك. النشر والتوزيع.
الوقت هو العامل الجوهري في هذه الأنشطة كلها ومن الحيوي تخصيص الوقت المناسب لذلك، في الوقت نفسه لابد من توفير خطط مساندة للتعامل مع أي فشل من جانب مقدمي الخدمة، وبشكل أساسي تعتبر عمليات التعداد دقيقة من حيث الوقت والتعويض التجاري يكون ثانوياً، وسواء اعتبر نشاط ما في المسار الدقيق أم لا، فلا بد من توفير العلامات المؤشرة المناسبة، والركائز والجداول الزمنية هي أيضاً ضرورية، ولحظة يطرأ فشل ما في تحقيق أي من الركائز، يجب أن تُطلق الإنذارات تلقائياً، ويشكل تقييم المخاطر عنصرًا حيويا للتعاقد مع مصدر خارجي فخطر الفشل والتكاليف المعنية بحالات الطوارئ المتنامية في حالة الفشل تستلزم انتباهاً مميزاً.
وينبغي أن ينظر في جميع حالات المهام التي تناسب التعاقد الخارجي خطوة خطوة بعد تقسيم المهام الكلية للتعداد إلى مراحل، في سياق إدارة الجودة، يستلزم التعاقد مع مصدر خارجي فيما يتعلق بعناصر مكونة العمليات التعداد وعلى مكتب الإحصاء الوطني أن يضطلع بالمسؤولية الكاملة عن بيانات التعداد وإدارة جودتها، وينبغي لجميع عمليات التعداد وأنشطته أن تُجرى بطريقة تلبي احتياجات الجمهور بشكل عام مع مراعاة الدقة وحسن التوقيت، ويجب عدم إسناد أي جزء من مهام التعداد بطريقة يمكن أن تؤثر على فقدان الثقة لدى الجمهور عند القيام بالتعاقد مع مصدر خارجي ينبغي على مكتب الإحصاء أن يضمن أن يبقى في موقع يسمح له بفهم العناصر التي تساهم في جودة البيانات النهائية وإدارتها، ولذلك فإنه يوصى عند النظر في إمكانية التعاقد الخارجي أن تراعي مكاتب الإحصاء الوطنية المعايير التالية:
أ. الحماية الصارمة السرية البيانات.
ب. استخدام وسائل لضمان السرية يقتنع بها الجمهور.
ج. استخدام تدابير مضمونة لضمان النوعية.
د. القدرة على إدارة المهام أو الأنشطة التي تسند إلى جهات خارجية وإدارتها.
هـ. السيطرة على نواحي الاختصاصات الأساسية لمكاتب الإحصاء الوطنية وقدرتها على حسن
التقدير، مع مراعاة الأوضاع الخاصة بكل بلد.
وضمان السرية هو أول المسائل المهمة التي ينبغي لمكاتب الإحصاء الوطنية مراعاتها، وهذه المكاتب مسؤولة عن سرية البيانات سواء من ناحية الانطباع العام أو الواقع وتواجه مكاتب الإحصاء الوطنية مواقف محرجة للغاية إذا تبين من عمليات الرصد والمراقبة اللاحقة وجود أي تسرب أو إساءة استخدام للمعلومات السرية، لذلك من الضروري تجنب التعاقد الخارجي على مهام تحمل هذه الخطورة، وعلى سبيل المثال يوصى بقوة بعدم التعاقد الخارجي في مرحلة جمع البيانات لأن هذه المهام تتصل اتصالاً مباشراً باكتساب ثقة المواطنين وبالحماية الصارمة للسرية، وحين يكون من الضروري اللجوء إلى تعيين موظفي عد مؤقتين بموجب عقود فيجب أن يتم ذلك بطريقة يخضعون فيها إلى إجراءات صارمة من ناحية الرصد والمراقبة من قبل المكاتب الإحصائية الوطنية، وينبغي تعيين هؤلاء العدادين وفق شروط تخضع فيها أنشطتهم للتشريعات الإحصائية ذات الصلة الخاصة بالحفاظ على سرية المعلومات التي يقومون بجمعها.
والمسألة الثانية المهمة في هذا الصدد هي أن يكون الجمهور على علم بضمانات السرية في التعداد، وكما ذكرنا ينبغي إجراء التعداد بطريقة تضمن الحصول على نتائج موثوق بها تماماً وتكسب ثقة الجمهور سواء من ناحية الانطباع العام أو الواقع، وإذا لم يتم استيفاء أي من هذه الشروط، فإن الطريقة المستخدمة في التعداد وكذلك النتائج التي يسفر عنها قد لا تلقى قبولاً من الجمهور ويمكن أن تؤدي إلى الشك في مصداقية التعداد ذاته، ومن هنا فإن حماية سرية البيانات لا تعني مجرد حماية البيانات السرية، ولكنها تشمل أيضاً حماية الانطباع عن السرية بين الجمهور وإعطاء إحساس داخلي بالأمان.
والمسألة الثالثة المهمة التي يجب النظر فيها لدى التعاقد الخارجي هي ضمانات النوعية المطلوبة، والنقطة الأساسية هي أن تطمئن مكاتب الإحصاءات الوطنية إلى ضمان تقديم السلع أو الخدمات التي تتعاقد عليها، وليست التكلفة هي أولى الأولويات في اختيار المتقدمين لهذه العطاءات والحكم عليهم، لأنه وإن كان مطلوباً أن يكون التنافس شريفاً بين الشركات من أجل تقليل التكلفة، فإن من الضروري أن يؤخذ في الاعتبار أن السعر الأرخص ليس هو العامل المحدد إذا كان من شأنه إمكانية التأثير على نوعية العمل المطلوب من المتعهد، ذلك أن نوعية العمل غير الجيدة يمكن أن تؤدي إلى خسارة كبيرة في الثقة بين الجمهور، ولضمان نوعية العمل كجزء من عملية اختيار المتعهد، ينبغي أن يُطلب من المتقدمين تقديم عينات من أعمالهم مثلاً، عينات من مطبوعاتهم أو إنتاجهم الصناعي أو الأعمال الأخرى وإذا لم يكن ذلك ممكناً، أن يبينوا مصادر يمكن الرجوع إليها للتأكد من مصداقيتهم أو مواقع يمكن الاطلاع عليها لدراسة أعمالهم وخبراتهم السابقة، يجب أن تنص عملية التعاقد على الشروط الأساسية كلها المطلوبة للخدمات المبتغاة وينبغي على مقدمي العروض أن يقاسوا وفقا لهذه الشروط، ومع أن هذه الشروط لا تضمن الجودة فهي تخفف قدر الإمكان من المفاجآت، وبعد إرساء العطاء يجب أن تستمر عملية رصد تقدم العمل المعهود به إلى الشركات المختارة وأن يتأكد مكتب الإحصاء الوطني من وجود نظام لرصد النوعية كجزء من العقد، ومن ثم ينبغي لمكاتب الإحصاء الوطنية لدى النظر في إجراءات التعاقد الخارجي أن تأخذ في اعتبارها أيضاً تكلفة إقامة نظام للمراقبة ورصد التقدم في الأعمال التي تسند إلى متعهدين خارجيين.
إضافة إلى رصد مزودي السلع والخدمات، ينبغي على مكاتب الإحصاء الوطنية أن تخطط لواجهة وسيطة مع المزودين ما يعني خطوة إضافية للرصد وبالتوازي ضرورة العمل جنباً إلى جنب بشكل منتظم لضمان أفضل جودة للمنتجات والخدمات ولتلبية المعايير والحاجات الخاصة بعمليات التعداد، ويعني هذا العمل المنسق تقديم المشورة التقنية والتكنولوجية، وكذلك متابعة تطوّر الخدمات والتطبيقات من منظور جوهري، وفيما قد لا يتمتع مكتب الإحصاء الوطني بالقدرة الكاملة على تطوير بعض المنتجات أو التطبيقات فهو يملك من دون شك خبرة تقنية هائلة وفهما لإنتاج الإحصاءات بشكل منتظم، بالتالي إن التخطيط لواجهة وسيطة مستمرة ومنتظمة مع المزودين وتنفيذها عندما يتم التعاقد مع مصدر خارجي لجزء من العمليات، يجب أن يدمج في التخطيط الإجمالي منذ البداية.
والمسألة الرابعة الرئيسية في التعاقد الخارجي على أنشطة من أنشطة التعداد هي إجراءات تقييم قدرات الشركات المرشحة للعمل، كما يجب تحقيق إطار لضمان الجودة المناقشة مفصلة حول ضمان الجودة والتنفيذ في مرحلة أولى من التعاقد مع مصدر خارجي، ومن خلال هذه العملية تستطيع مكاتب الإحصاء الوطنية أن تجري تقييماً كاملاً لقدرات تلك الشركات وكذلك لأوجه القصور فيها من أجل اختيار العطاء الذي يفوز بالنشاط أو الأنشطة المراد التعاقد عليها، ويوصى بقوة بدراسة الأوضاع العملية والمالية للشركات المتقدمة بعد التأكد من قدراتها ذلك أن كل شركة خاصة معرضة للإفلاس أو التغيير نوع النشاط، ويجب أن يوضع في الحسبان أنه إذا لم تتمكن الشركة المختارة من الوفاء بالمهام الموكلة إليها فإن المشاكل الناتجة عن ذلك قد لا يمكن حلها بتطبيق عقوبات والمشكلة الأهم هي أن قطاعاً كبيراً من مستعملي البيانات قد لا يستطيعون الحصول على نتائج التعداد بشكل دقيق وفي الوقت المحدد، وفي هذه الحالات يمكن أن تفقد مكاتب الإحصاء الوطنية ثقة الجمهور في التعداد وحتى في التعدادات القادمة أو في مشاريع الإحصاء الدورية التي تقوم بها تلك المكاتب، ولذلك فإن من المهم جداً لمكاتب الإحصاء الوطنية أن تتبع طريقة تضمن لها أن تكون الأخطار في أدنى الحدود.
تركز بعض المقاربات الخاصة بالتعاقد مع مصدر خارجي على ترتيب لـ المفتاح باليد، يسلم بموجبه المتعاقد النظام وفقا لمجموعة من المواصفات الخاصة بالعميل ومحددة مسبقاً مع توقع أن يركز العميل على المخرجات فقط لا على العمل الداخلي للنظام، ويفترض هذا الأمر أن مكتب الإحصاء الوطني فهم كليا المسائل المتعلقة بالبيانات كلها التي قد تطرأ خلال التعداد ويستطيع استباقها بالكامل كما يضمنها في المواصفات، لا يتوقع من العميل أن يكون أي فهم لكيفية اشتغال هذه الأنظمة أو كيف أنها قد تساهم في المخرجات النهائية، كما أن أي تغييرات في النظام تستلزم عادة عمليات مربكة لتحديد المسؤوليات التعاقدية وتكاليف مالية كبيرة، وهذا النوع من المقاربة يحول بالفعل مسألة جودة بيانات التعداد إلى المتعاقد بينما تبقى المخاطر المرتبطة بوكالة التعداد في أيدي وكالة التعداد، وتلغى بذلك أي مرونة وتقيد قدرة وكالة التعداد على التعامل مع مشاكل الجودة التي تبرز خلال المعالجة.
يجب أن يعي المزودون أهداف الجودة ما إن ينطلق برنامج التعداد، وكذلك شروط الجودة الخاصة بالعناصر المكونة التي يتم التعاقد بها مع مصدر خارجي والتي تسمح بتحقيق الهدف الإجمالي لجودة التعداد، كما يجب أن تنطبق عملية ضبط الجودة التشغيلية على الخدمات المتعاقد بها مع مصدر خارجي بالطريقة نفسها المعتمدة مع الخدمات التي لا تكون خاضعة للتعاقد مع مصدر خارجي.
وبالإضافة إلى إدارة الأنشطة أو المهام التي يعهد بها إلى متعهدين خارجيين، من المهم جداً أن يكون لدى مكاتب الإحصاء الوطنية القدرة والمرونة على التصرف بسرعة في حالة حدوث تغيير مفاجئ أو غير متوقع في الأوضاع، ومن الجدير بالذكر أن التعاقد الخارجي لا يضمن بالضرورة انخفاض التكلفة، وذلك لأن تكاليف الرصد والتكاليف الناتجة عن الطوارئ وغير ذلك من الأمور يمكن أن تسبب مشاكل للتعداد، لذلك يوصى بأن تقوم مكاتب الإحصاء الوطنية نفسها ببعض المهام أو الأنشطة التي يصعب إدارتها، وينبغي لتلك المكاتب أن تحكم وتقرر على مدى ما يمكن أن تتعاقد عليه من أعمال من وجهة النظر هذه.
ومن المهم أيضاً التوصية بتوخي أكبر قدر من العناية لضمان التدريب المناسب للموظفين الذين يقومون بالأعمال والأنشطة ذات الأهمية الحيوية، مثل الترميز للتعليم والمهن والتصنيف الصناعي خاصة في حالة التعاقد الخارجي ونفس القدر من الاهتمام والتدريب مطلوب أيضاً حين يقوم موظفو مكاتب التعداد الوطنية أنفسهم أو المنظمة القائمة بالتعداد بهذه المهام، ذلك أن عملية الترميز تعتمد على الاختلافات البسيطة وعلى مستوى الترميز تصانيف عامة وتفصيلية وفقاً لمعايير مختلفة من التصنيف، وكذلك على إعداد دليل الترميز والى تدريب القائمين بعمليات الترميز، ونظراً لدقة عملية الاختيار هذه من الصعب إعداد دليل ترميز كامل مسبقاً قبل مراجعة الاستبيانات المملوءة.
والتعدادات هي عمليات كبيرة تنطوي على كميات ضخمة من البيانات التي تحتاج إلى ترميز وتحرير، ومن أجل خفض الموارد المطلوبة من الموظفين وتحسين التوقيت والاتساق والدقة يمكن استخدام وسائل الترميز الآلي، وتستخدم بعض البلدان بالفعل نظام الترميز الآلي للعناوين والبلدان والتعليم والمهن والصناعة، ويمكن التعاقد على تطوير برمجيات التطبيقات ولو أن من الضروري تحديد القواعد التي تتبع في ذلك بدقة من قبل مكاتب الإحصاء الوطنية التي يجب أن تحتفظ بالمسؤولية الكاملة عن تنفيذ النظام، ويمكن استخدام التطبيقات البرمجية أيضاً في العمليات الأخرى لجمع البيانات الإحصائية التي تقوم بها مكاتب الإحصاء الوطنية، عند التعاقد مع مصدر خارجي ينبغي أن يكون العاملون في مكتب الإحصاء الوطني قادرين على تعديل المقاييس المعيارية لهكذا عمليات بكلفة قليلة وبتوقيت مناسب، وعند التحلي بهذه القدرة بإمكان مكتب الإحصاء الوطني أن يدير التوازن الملائم بين جودة البيانات والكلفة والتوقيت المناسب.